لا تُــسَــمُّـوا ذاك الــبِــعَــادَ جَـفاءً، ربَّـما كـان مَنْ تباعدَ أدْنَـى |
عَـلِـمَ اللهُ أنـني كـنـتُ أشـتـاقُ، ولـكـنْ شَـوْكٌ عـلى البابِ ضنَّا |
لا تُـسَــــمُّـوا ذاك البِـعَـادَ جَــفـاءً، عَــلِــمَ اللهُ أنَّ قــلــبــيَ أنَّــا |
وتماسكتُ، بَيْدَ أني تزعزعتُ برغمي، طيرًا مَهيضًا مُضْــنَى |
أَفْـلَـتَـتْ أَسْــطُرَ الجـريدةِ عَيْنِي واسْـتَهَـلَّتْ، فـلم أَكُـفَّ الـعَـيْـنَا |
قُــلْتُ بَكِّي ما شِــئْتِ يا عَيْنُ بَكِّي، وأَفِيـضِــي المُكَــتَّمَ المُكْـتنَّا |
جَــلَــدِي لا عَــلَيْــكَ، أَفْسِــحْ قليلًا، جَلَدِي لَسْــتَ بالمُـحَمَّدِ هَنَّا |
لا تُـسَــمُّوا ذاك البِـعَادَ جَــفـاءً، إنّ فَصْــلَ المُضافِ لا يتسنَّى |
إنَّـهُ كان حـاضـرًا، أَمَـرَ البَـيْـنُ و لــكنْ عَــصَـيْتُ فــيه البَيْنَا |
طـالـما جَـسَّــمــتْ مُـخـيَّـلـتـي الجســمَ فلَـبَّى لمّا دَعَوْتُ وحنَّا |
حَمَلتْنِي علـى مُـغَـالـبةِ الشـوقِ طــويلًا نَفْـسٌ تَــعَـافُ المَـيْـنَا |
لـيـس يُـرْضِـي الكريمَ أن يُفتحَ البيتُ إذا عُدَّ صاحبًا بَيْنَ بَيْنَا |
كَـلَـفٌ لاحَ وانْــزَوَى، مَسَــحَـتْهُ راحَـتاهُ، فـلمْ يَعُـدْ يُسْــتَـثْـنَى |
وسـيَـبْقَى سَـنَاهُ- مَهْـما يُـصوِّرْ وَاصِـفُوهُ سَـنَاهُ- عـنديَ أَسْنَى |
وسـأَبْـقَى- وإنْ أسـاءَ الظَّـنَّـا- حـامِـدًا، شـاكِـرًا لَـهُ، مُـمْـتـنَّــا |
غِـبْـتُ لكـنَّنـي عَلِـمْـتُ يَـقِـيـنًا أنّ لي في فؤاده الرَّحْبِ رُكْنَـا |
أَيْـنَ مِـنِّـي عَـهْـدٌ قَـضَــيْـنَاهُ كُـنَّـا نَـتَـمَـلَّى، وحِــيـنَةً نَـتَـغَــنَّى |
نتَـحَـسَّــى الرَّحِـيـقَ، أيُّ مَـتَاعٍ ذَخَرتْهُ القُرونُ لِلـشَّـرْبِ دَنَّـا |
كَــمْ قَـرَأْنَـا مـعًا فـكان إمـامًا، أيـن مِـنِّي جَنًى بكفَّيَّ مُجْنَــى |
ووَقَـعْنَا عـلى نَـمـيرٍ عَـتـيقٍ، طالَـما طَابَ عَـذْبُهُ لـكِـلَـيْــنَــا |
وَعَنَانَا- والعَصْرُ عَصْرُ السَّماديرِ وحَرْبِ المَعْناةِ- مَعْنَى المَعْنَى |
ودَفَـعْنَا عن الجَــرِيــحِ الــذي أَثْـخَـنَـهُ الرَّمْـيُ، واحْـتَرَمْـنَا الوَزْنَا |
ولـقــد مَــدَّ بَــيْـنَـنـا الوُدَّ أَنِّـي أَتَــمَــنَّــى بُــلــوغَ مَـــا يَـتَــمَــنَّــى |
نَــفَــثَ الــكَــيْــدُ سُــمَّـهُ فَتَــصَـدَّى، وتَـحَــدَّى، وكـان لِـلْأُمَّةِ ابْنَا |
ولقـد كان- والمَـعَـاوِلُ تَهْـوِي حَـوْلنا، والحـصونُ تَهْوِي- حِصْنَا |
ولقـد كان- والـعـزائـمُ أعـجـازُ نَـخـيـلٍ- عــزيــمــةً لا تُــثْـــنَــى |
شَــيِّعُوهُ، فإنـما خُــلِــقَ الـعَــظْـمُ لـيـســعَى بـنـا زمــانًا ويَــفْــنَـى |
شَــيِّعُوهُ، مِنْ قَـبْلِ أنْ تغربَ الشـمسُ غروبًا يُخْنِي على مَشْرِقَيْنَا |
شَــيِّعُوهُ، مِنْ قَبْلِ أنْ يَشْـهَدَ الآمالَ تُطـوَى، ويـشربَ الدَّمْعَ حُزْنَا |
ويـرَى الـدوحـةَ العـريـقـةَ تُهْـويها فؤوسُ العُــداةِ غُـصْنًا غُـصْنَا |
لَـهْـفَ نـفـسـي عـلـيه وَهْيَ طـريـحٌ تــحت عينيه، وَهْوَ باكٍ جُنَّا |
شَــيِّعُوهُ، مـضى الزمـانُ الـذي كان جـمـالُ الـكـلام فـيـه مِـجَـنّـا |
شَــيِّعُوهُ، مـضى الزمـانُ الـذي كان إبــاءُ الــهــوانِ فــيــه فَــنَّــا |
شَــيِّعُوهُ، مـضى الزمـانُ الـذي كان إذا هُــدَّ فــيــه شــيءٌ يُبْـنَى |
والــذي كـان عـنـدما يُحْسِـنُ المُحْـسِـنُ يَجْزِي إحْسـانَهُ والحُسْـنَا |
والــذي كـان إنْ أسـاء مُـســيءٌ لمْ يَـهَـبْـهُ وإنْ يَـكُنْ فِـرْعَــوْنَــا |
شَــيِّعُوهُ غَـضًا تَـصَـلَّـبَ حـتـى قـلـتُ هـذي الــقــنــاةُ لا تـتـحنَّى |
وكَـأَنِّـي نَـأَيْـتُ كَـيْـلا أراهُ- بـعـد أنْ طـالـما اسْـتَــشـاطَ – أَسَــنَّــا |
شَــيِّعُوهُ؛ وما الحــيــاةُ إذا لـم يَـبْــقَ مــنـها إلا عـلــيـلٌ مُـعَــنَّـى |
شَــيِّعُوهُ، وإنْ ذَكَــرْتُــمْ غــريـبًا فاذْكُــروهُ يا صَـحْـبَـهُ بالحُـسْنَى |
ليت شِـعْـري أَقِـيلَ غَابَ أخٌ يا صَـحْبُ، أمْ قِيلَ يَسْــتَحِقُّ السَّــجْنَا |
طُـوِيـَتْ صـفـحــةٌ، وداعًـا أبـا فِـهْـرٍ، وداعًـا، وَدِدْتُ لو تـتـأنَّــى |
قـطـعـةٌ أنــتَ مِــن حـيـاتي تـولَّتْ، كنـتَ فيها ظِلًّا ظليلًا، ولَحْنَا |
شَــيِّعُوهُ ريـحًـا رُخـاءً على الخِلِّ، سَـمُـومًا إذا يُواجِهُ ضِغْنَـا |
وسلامٌ عليهِ حتى تَمُورَ الأرضُ يومًا، ويُصْبِحَ الصَّخْرُ عِهْنَا |
وعَـفَـا اللهُ عَـنْـهُ؛ كـان يُـصَـلِّي، وعـسـى أن يُـحِـلَّـهُ اللهُ عَدْنَا |
إنَّـهُ- والـذي أمـاتَ وأحْـيَــا- والــذي أفْــقَــرَ العِــبادَ وأغْنَى- |
لَــجـديرٌ بأنْ يُـلـقَّـى سُـرورًا، ويُـلاقِـي فـي فَـيْـئِـها مُـطْـمَـأَنَّا |
وسَـقَـى اللهُ دَارَةً جَـمَـعَـتْـنَـا، أَيْـنَ مِـنِّـي هَـواؤُهـا، أَيْـنَ أَيْـنَـا |
الحساني حسن عبد الله